للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا معتمرُ بن سليمان، عن الحكمِ بن أبان، عن عكرمة قوله: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾. قال: الدنيا كلُّها جهالةٌ (١).

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوالِ بتأويل الآية قولُ مَن قال: تأويلُها: إنما التوبةُ على الله للذين يعملون السوء، وعملُهم السوء هو الجهالة التي جَهلوها، عامدين كانو للإثم أو جاهلين بما أعَدَّ اللهُ لأهلها، وذلك أنه غير موجودٍ في كلام العرب تَسْمِيةُ العامدِ للشيء؛ الجاهل به، إلا أن يكونَ مَعْنِيًّا به أنه جاهلٌ بقَدْر مَنْفعتِه ومَضَرَّتِه، فيقالُ: هو به جاهلٌ. على معنى جهله بمعنى (٢) نفعه وضَرِّه، فأما إذا كان عالمًا بقَدْرِ مبلغ نفعه وضُرِّه، قاصدًا إليه، فغير جائز مِن أجلِ (٣) قَصْدِه إليه أن يقال: هو به جاهلٌ؛ لأن الجاهل بالشيء هو الذي لا يعلَمُه ولا يَعرِفُه عند التقدم عليه، أو يَعلَمُه فيُشَبَّهُ فَاعِلُه، إذ كان خَطَأً ما فعله، بالجاهل الذي يأتى الأمر وهو به جاهلٌ، فيُخطِئُ موضعَ الإصابة منه، فيقالُ: إنه لجاهلٌ به. وإن كان به عالمًا؛ لإتيانه الأمر الذي لا يأتى مثله إلا أهل الجهل به.

وكذلك معنى قوله: ﴿يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾. قيل فيهم: ﴿يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ﴾. وإن أتوه على علمٍ منهم بمبلغ عقاب الله أهله، عامدين إتيانه، مع معرفتهم بأنه عليهم حرامٌ؛ لأن فعلهم ذلك كان من الأفعال التي لا يأتى مثله إلا مَن


(١) أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٥٧٠، وابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٩٨ (٥٠٠٣) من طريق معتمر بن سليمان به.
(٢) كذا في النسخ، ولعل الصواب "بمبلغ".
(٣) في النسخ: "غير". والمثبت ما يقتضيه السياق.