للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: قُلْ يا محمدُ لقومِك المُكَذِّبِيكَ، الرَّادِّينَ عليك ما أتَيْتَهم به مِن عندِ ربِّك: ما أسْأَلُكم مِن جُعْلٍ على إنذارِكم عذابَ اللهِ، وتَخْويفكم (١) بأسَه، ونَصِيحتى لكم في أمرى إياكم بالإيمانِ باللهِ، والعملِ بطاعتِه، فهو لكم لا حاجةَ لى به. وإنما معنى الكلامِ: قُلْ لهم: إنى لم أسْأَلُكم على ذلك جُعْلًا فتَتَّهِمونى، وتَظُنُّوا أَنِي إِنما دَعَوْتُكُم إلى اتِّباعي لمالٍ آخُذُه منكم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ﴾: أي جُعْلٍ، ﴿فَهُوَ لَكُمْ﴾. يقولُ: لم أسْأَلْكم على الإسلامِ جُعْلًا (٢).

وقولُه: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾. يقولُ: ما ثوابى على دُعائِكم إلى الإيمانِ باللهِ، والعملِ بطاعتِه، وتبليغِكم رسالَتَه، إلا على اللهِ، ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾. يقولُ: واللهُ على حقيقةِ ما أقولُ لكم، شهيدٌ يَشْهَدُ لى به، وعلى غيرِ ذلك مِن الأشياءِ كُلِّها.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قُلْ يا محمدُ لمشركي قومِك: ﴿إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ﴾؛ وهو الوَحْي. يقولُ: يُنْزِلُه من السماءِ،


(١) بعده في م، ت ١، ت ٢: "به".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٠ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.