للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيوتِهم، إذ أتَى أصولَها وقواعدَها أمرُ اللهِ، فائْتَفَكتْ بهم منازلُهم؛ لأن ذلك هو الكلامُ المعروفُ من قواعدِ البنيانِ وخَرَّ السقفِ، وتوجيهُ معاني كلامِ اللهِ إلى الأشهرِ الأعرفِ منهما (١) أولى من توجيهِها (٢) إلى غيرِ ذلك ما وُجِد إليه سبيلٌ.

﴿وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأتى هؤلاء الذين مكَرُوا من قبلِ مشركي قريشٍ، عذابُ (٣) اللهِ من حيثُ لا يدرُون أنه أتاهم منه.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (٢٧)﴾.

يقولُ تعالَى ذكرُه: فعَل اللهُ بهؤلاء الذين مكَروا، الذين وصَف اللهُ جلَّ ثناؤُه أمرَهم، ما فعَل بهم في الدنيا من تعجيلِ العذابِ لهم والانتقامِ، بكفرِهم وجحودِهم وحدانيتَه، ثم هو مع ذلك يومَ القيامةِ مُخزِيهم فمذلُّهم بعذابٍ أليمٍ، وقائلٌ لهم عندَ ورودِهم عليه: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ﴾ أصلُه من شاققتُ فلانًا، فهو يُشاقُّنى، وذلك إذا فعَل كلُّ واحدٍ منهما بصاحبِه ما (٤) يَشُقُّ عليه. يقولُ تعالى ذكرُه يومَ القيامةِ، تقريعًا (٥) للمشركين بعبادتِهم الأصنامَ: ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ﴾. يقولُ: أين الذين كنتم


(١) في م: "منها".
(٢) في ص: "توجيههما". وفى ت ١، ت ٢: "توجيهه".
(٣) بعده في ت ١: "من".
(٤) في ت ١، ت ٢، ف: "لما".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢: "تعريفًا".