قَبْلِكُمْ﴾. يقولُ: قد سَلَفَت مِن قبلكم، ﴿مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ﴾. ومعنى ذلك: ادْخُلُوا في أمم هي في النار، قد خلت من قبلكم من الجنِّ والإنس. فإنما يعنى بـ "الأمم" الأحزاب وأهل الملل الكافرة، ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: كلما دخَلَت النارَ جماعةٌ مِن أهل ملةٍ ﴿لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾. يقولُ: شتمت الجماعة الأخرى من أهل ملتِها؛ تبرِّيًا منها.
وإنما عنى بـ "الأختِ" الأُخوَّة في الدين والملَّة. وقيل: ﴿أُخْتَهَا﴾. ولم يَقُلْ: أخاها، لأنه عنى بها أمةً وجماعةً أخرى، كأنه قيل: كلما دخلت أمةٌ لعنت أمةً أُخرى من أهل ملتها ودينها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضلٍ، قال: ثنا أسباط، عن السدى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا﴾. يقولُ: كلما دخلت أهلُ ملةٍ لعنوا أصحابهم على ذلك الدينِ، يَلْعَنُ المشركون المشركين، واليهودُ اليهود، والنصارى النصارى، والصابئون الصابئين، والمجوس المجوس، تَلْعَنُ الآخِرةُ الأولى (١).
القول في تأويل قوله: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾.
يقولُ جلَّ ثناؤه: حتى إذا تَدارَكَت الأم في النارِ جميعًا. يعنى: اجْتَمَعَت فيها.
يقالُ: قد ادَّارَكوا وتَدَارَكوا. إذا اجْتَمَعوا.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٧٥ (٨٤٥٠) من طريق أحمد بن مفضل به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٨٢ إلى أبى الشيخ.