للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَظْلِمُونَ (١٧٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ساء مثلًا القومُ الذين كَذَّبوا بحجج اللهِ وأدلتِه فجَحَدوها، وأنفسَهم كانوا يَنقُصُون حظوظَها، ويَبْخَسُونها منافِعَها، بتكذيبِهم بها لا غيرها.

وقيل: ﴿سَاءَ مَثَلًا﴾ من السُّوءِ (١)، بمعنى: بئسَ مثلًا [مَثَلُ القوم] (٢). وأُقيم "القومُ" مُقامَ "المثل" وحُذف "المثلُ"، إذ كان الكلامُ مفهومًا معناه، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ [البقرة: ١٧٧]. فإن معناه: ولكنَّ البِرَّ بِرٌّ (٣) مَنْ آمَن باللهِ.

وقد بيَّنا نظائرَ ذلك في مواضعَ غير هذا بما أغنَى عن إعادتِه (٤).

القولُ في تأويل قوله: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (١٧٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: الهدايةُ والإضلالُ بيد الله، والمهتدى - وهو السالكُ سبيل الحقِّ، الراكبُ قَصْدَ المحجَّةِ في دينِه - من هداه الله لذلك، فوَفَّقه لإصابته، والضالُّ مَن خَذَله الله، فلم يُوَفِّقْه لطاعتِه، ومَن فعل الله ذلك به فهو الخاسرُ، يعني: الهالكُ.

وقد بيَّنا معنى "الخَسارة" و "الهدايةِ" و "الضلالةِ" في غيرِ موضعٍ من كتابنا هذا بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٥).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "السر"، وفى م: "الشر". وينظر تعليق الشيخ شاكر.
(٢) سقط من النسخ، وينظر تفسير القرطبي ٧/ ٣٢٤.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٤) ينظر ما تقدم في ٣/ ٧٧.
(٥) ينظر ما تقدم في معنى الخسارة في ١/ ٤٤٢، وما تقدم في معنى الهداية في ١/ ١٦٥ - ١٦٩، ٢٣٤، وما تقدم في معنى الضلالة في ٢/ ٤١٥، ٤١٦.