للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستقبال (١). وهو نظيرُ قولِه: ﴿هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ [الأحقاف: ٢٤]. فوصَف بقوله: ﴿مُمْطِرُنَا﴾. عارضًا؛ لأن في: "ممطرنا" (٢) معنى التنوينِ؛ لأن تأويلَه الاستقبالُ، فمعناه (٣): هذا عارضٌ يمطِرُنا. فكذلك ذلك في قولِه: ﴿هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه عز ذكرُه: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: أو عليه كفَّارةٌ طعامُ مساكينَ. و الكفَّارةُ معطوفةٌ على الجزاءِ في قولِه: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾.

واخْتَلفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأته عامَّةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ: (أَوْ كَفَّارَةُ طعامِ مَساكِينَ). بالإضافةِ (٤).

وأما قرأةُ أهلِ العراقِ، فإن عامَّتَهم قرءوا ذلك بتنوينِ الكفَّارة ورفعِ الطعامِ: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾ (٥).

وأَوْلَى القراءتين في ذلك عندَنا بالصوابِ قراءةُ من قرأ بتنوينِ الكفَّارةِ ورفعِ الطعامِ (٦)؛ للعلةِ التي ذكَرناها في قولِه: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ (٧).

واخْتَلف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك أن القاتلَ وهو محرمٌ، صيدًا عمدًا، لا يخلُو من وجوبِ بعضِ


(١) الاستقبال والمستقبل مصطلح نحوي كوفي يقابل المضارع. ينظر مصطلحات النحو الكوفي ص ٧٤.
(٢) في ص، س: "عارض". والمراد بالتنوين في: ممطرنا. أي: ممطر لنا. تفسير القرطبي ١٦/ ٢٠٥.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "في معناه".
(٤) وهى قراءة نافع المدنى، وابن عامر الشامي. الكشف عن وجوه القراءات ص ٤١٨.
(٥) وهى قراءة ابن كثير وعاصم وأبى عمرو وحمزة والكسائي. المصدر السابق.
(٦) القراءتان كلتاهما صواب وليست إحداهما بأولى من الأخرى.
(٧) ينظر ما تقدم في ص ٦٨٠.