للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنى محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السدىِّ، قال: كانوا يقولون -يعنى الذين كانوا يَتَّخِذون البَحائرَ والسَّوائبَ-: إن اللهَ أمَر بهذا. فقال اللهُ: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (١).

القولُ فى تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء الذين جعَلوا للهِ ممَّا ذرَأ مِن الحرثِ والأنعامِ نَصيبًا، ولشركائِهم مِن الآلهةِ والأنْدادِ مثلَه، والقائلين: هذه أنعامٌ وحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إلا مَن نَشاءُ بزعْمِهم. والمحرِّمين مِن أنعامٍ أُخَرَ ظُهورَها، والتاركين ذكرَ اسمِ اللهِ على أُخَرَ منها، والمحرِّمين بعضَ ما فى بطونِ بعضِ أنعامِهم على إناثِهم وأزواجِهم، ومُحلِّيه لذكورِهم، المحرِّمين ما رزَقهم اللهُ افْتِراءً على اللهِ، وإضافةً منهم ما يُحَرِّمون مِن ذلك إلى أن اللهَ هو الذى حرَّمه عليهم: أجاءكم مِن اللهِ رسولٌ بتحريمِه ذلك عليكم، فأنْبِئونا به، أم وصَّاكم اللهُ بتحريمه مُشاهدَةً منكم له، فسمِعْتُم منه تحريمَه ذلك عليكم، فحرَّمْتُموه؟ فإنكم كَذبةٌ إن ادَّعيْتُم ذلك، ولا يُمْكِنُكم دَعْواه؛ لأنكم إذا ادَّعَيْتُموه علِم الناسُ كذبَكم، فإنى لا أَجِدُ فيما أُوحِى إلىَّ مِن كتابِه وآىِ تنزيله شيئًا محرَّمًا على آكلٍ يَأْكُلُه، مما تَذْكُرون أنه حرَّمه مِن هذه الأنعامِ، التى تَصِفون تحريمَ ما حَرَّم عليكم منها بزعمِكم ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً﴾ قد ماتت بغيرِ تَذْكيةٍ ﴿أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا﴾ وهو المُنْصَبُّ، أو إلا أن يكونَ لحمَ خِنزيرٍ، ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا﴾. يقولُ: أو إلا أن


(١) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٥/ ١٤٠٤ (٧٩٩٩) من طريق أحمد بن المفضل به.