للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكونَ فسقًا. يعنى بذلك: أو إلا أن يكونَ مذبوحًا ذبَحه ذابحٌ مِن المشركين مِن عَبَدةِ الأوثانِ لصنمِه وآلهتِه، فذكَر عليه اسمَ وَثَنِه، فإنَّ ذلك الذبحَ فِسْقٌ نهَى اللهُ عنه وحرَّمه، ونهَى مَن آمَن به عن أكلِ ما ذُبح كذلك؛ لأنه مَيْتةٌ.

وهذا إعلامٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه للمشركين الذين جادَلوا نبىَّ اللهِ وأصحابَه فى تحريمِ الميتةِ بما جادَلوهم به، أن الذى جادَلوهم فيه من ذلك هو الحرامُ الذى حرَّمه اللهُ، وأن الذى زعَموا أن اللهَ حرَّمه حلالٌ قد أحَلَّه اللهُ، وأنهم كذَبَةٌ فى إضافتِهم تحريمَه إلى اللهِ.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابنِ طاوسٍ، عن أبيه فى قولِه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾. قال: كان أهلُ الجاهليةِ يُحَرِّمون أشياءَ ويُحِلُّون أشياءَ، فقال: قلْ: لا أَجِدُ فيما (١) كنتم تُحَرِّمون وتَسْتَحِلُّون إلا هذا؛ ﴿إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ (٢).

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا سُوَيْدٌ، قال: أخْبرَنا ابنُ المباركِ، عن معمرٍ، عن ابنِ طاوسٍ، عن أبيه فى قولِه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية. قال: كان أهلُ الجاهليةِ يَسْتَحِلُّون أشياءَ ويُحَرِّمون أشياءَ، فقال اللهُ لنبيِّه: قلْ: لا أَجِدُ فيما أُوحِى إلىَّ محرمًا مما كنتم تَسْتَحِلُّون إلا هذا. وكانت أشياءَ يُحَرِّمونها، فهى حرامٌ الآن.


(١) فى م، ت ٢، ت ٣: "مما".
(٢) تفسير عبد الرزاق فى تفسيره ١/ ٢٢٠ - ومن طريقه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٥/ ١٤٠٥ (٨٠٠١) - عن معمر به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٥٠ إلى عبد بن حميد.