للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّي: ﴿فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾. يقولُ: كيما يُصَدِّقَنى (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿رِدْءًا يُصَدِّقُنِي﴾. يقولُ: كيما يُصَدِّقَنى.

و"الرِّدْءُ" في كلامِ العربِ هو العَونُ، يقالُ منه: قد أردأتُ فلانًا على أمرِه. أي: أَكْنَفْتُه (٢) وأعَنْتُه.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قوله: ﴿يُصَدِّقُنِي﴾؛ فقرأته عامةُ قرأةِ الحجازِ

والبصرةِ: (رِدْءًا يُصَدِّقْنى) بجزم "يُصَدِّق" (٣). وقَرأ عاصمٌ وحمزةُ: ﴿يُصَدِّقُنِي﴾ برفعِه. فمَن رفَعه جعلَه صلة لـ "الردءِ"، بمعنى: فأرسِلْه معى رِدْءًا، مِن صفتِه يُصَدِّقُنى. ومَن جزَمه جعَله جوابًا لقوله: ﴿فَأَرْسِلْهُ﴾؛ فإنك إذا أرسَلْتَه صَدَّقَنى. على وجهِ الخبرِ. والرفعُ في ذلك أحبُّ القراءتَين إلى؛ لأنه مسألةٌ مِن موسى ربَّه أن يُرْسِلَ أخاه عونًا له بهذه الصفة.

وقولُه: ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾. يقولُ: إني أخافُ ألا يُصَدِّقونى على قولى لهم: إنى أُرسلتُ إليكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ (٣٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قال الله لموسى: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ﴾ أي: نُقَوِّيك


(١) تقدم أوله في ص ١٥٠.
(٢) في م، ت ٢: "أكفيته".
(٣) وهى قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو والكسائي. ينظر حجة القراءات ص ٥٤٦.