للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطابٌ به لأهلِ الحقوقِ، والمكتوبِ بينَهم الكتابُ، والمشهودِ لهم أو عليهم بالذي تَدايَنوه بينَهم مِن الدُّيونِ. فأمَّا ما كان مِن أمرٍ أو نهيٍ فيها لغيرِهم، فإنما هو على وجهِ الأمرِ والنهيِ للغائبِ غيرِ المخاطَبِ كقولِه: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ﴾. وكقولِه: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾. وما أشبَهَ ذلك. فالواجبُ إذ كان المأمورون فيها مخاطَبين بقولِه: ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾. [أن يكونَ بالرَّد على قولِه: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾. ولا تضارُّوا كاتبًا ولا شهيدًا، ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾] (١). أشبَهُ منه بأن يَكُونَ مردودًا على الكاتبِ والشهيدِ. ومع ذلك أن الكاتبَ والشهيدَ لو كانا هما المنهييْن عن الضِّرارِ لقيل: وإن يفعلا فإنه فسوقٌ بهما؛ لأنهما اثنان، وأنهما غيرُ مخاطَبَين بقوله: ﴿وَلَا يُضَارَّ﴾. بل النهيُ بقوله: ﴿وَلَا يُضَارَّ﴾. نهىٌ للغائبِ غيرِ المخاطَبِ. فتوجيهُ الكلامِ إلى ما كان نظيرًا لما في سياقِ الآيةِ، أولى من توجيهِه إلى ما كان مُنْعَدِلًا عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾.

يَعْنى بذلك تعالى ذكرُه: وإن تُضارُّوا الكاتبَ أو الشاهدَ، وما نُهِيتم عنه مِن ذلك، ﴿فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾. يعنى: إثمٌ بكم ومعصيةٌ.

واختَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم فيه بنحوِ الذي قلنا فيه.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ: ﴿وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ﴾. يقولُ: إِن تَفْعَلُوا غيرَ الذي


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.