للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾. قال: خيرٌ ثوابًا، وأبقَى عِندَنا.

﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أفلا عُقُولَ لكم أيها القومُ تَتَدَبَّرون بها، فتَعْرِفون بها الخيرَ مِن الشَّرِّ، وتَخْتارون لأنفُسِكم خيرَ المَنْزِلَتَين على شَرِّهما، وتُؤْثِرون الدائمَ الذي لا نفادَ له مِن النعيمِ، على الفاني الذي لا بَقاءَ له.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ﴾ مِن خَلْقِنا على طاعتِه إيانا - الجنةَ فآمن بما وعدْناه وصَدَّق وأطاعَنا، فاسْتَحَقَّ بطاعته إيانا أن نُنْجِزَ له ما وعدناه، فهو لاقٍ ما وُعِد، وصائرٌ إليه، ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ﴾ في الحياةِ الدنيا مَتَاعَها، فتَمَتَّع به، ونَسِيَ العملَ بما وعدْنَا أهلَ الطاعةِ، وترَك طَلَبَه، وآثَرَ لَذَّةً عاجِلةً على آجِلَةٍ، ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ إذا وَرَد على اللهِ ﴿مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾. يَعْنى: مِن المُشْهَدِينَ عذابَ اللهِ وأليمَ عقابِه.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ﴾. قال: هو المؤمنُ، سمِع كتابَ اللهِ فَصَدَّق به وآمَن بما وعَد اللهُ فيه، ﴿كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. و (١) هو هذا الكافرُ، ليس واللهِ كالمؤمنِ، ﴿ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾. أي: في عذابِ اللهِ (٢).


(١) ليس في: م.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٩، ٢٩٩٩ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٥ إلى عبد بن حميد.