للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الياءِ والواوِ، وإن كان الفصيحُ من كلامِها تركَ الهمزِ فيها، إذا جاءت على "مفاعلَ"، تشبيهًا منهم لجَمْعِها بجمعِ "فَعِيلةٍ"، كما تُشَبِّهُ "مَفْعَلًا" بـ "فَعِيلٍ"، فتقولُ: مَسِيلُ الماءِ. مِن: سَالَ يسيلُ، ثم تجمعُها جمعَ "فعيلٍ"، فتقولُ: هي أمسِلةٌ. في الجمعِ، تشبيهًا منهم لها بجمعِ "بعيرٍ" وهو "فعيلٌ"، إذ تجمعُه "أبعرةً"، وكذلك تجمعُ المَصِيرَ وهو "مَفْعِلٌ"، "مُضرانٌ"، تشبيهًا له بجمعِ "بعيرٍ" وهو "فعيلٌ"، إذ تجمعُه "بُعْرانٌ". وعلى هذا هَمَز الأعرجُ (معائشَ). وليس ذلك بالفصيحِ في كلامِها. وأولى ما قُرِئَ به كتابُ اللهِ مِن الألسنِ أفصحُها [وأعربُها] (١) وأعرفُها، دونَ أَنْكَرِها وأَشَذِّها.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١)﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: تأويلُ ذلك ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ﴾ في ظهرِ آدمَ أَيُّها الناسُ، ﴿ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ في أرحامِ النساءِ خلقًا مخلوقًا، ومثالًا مُمثَّلًا في صورةِ آدمَ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾: قولَه: ﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾ (٢) آدمَ، وأما ﴿صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فذرِّيتَه (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن


(١) سقط من: ص م ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) بعده في م: "يعني".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٤٢ (٨٢٣٣، ٨٢٣٦) من طريق عبد الله به.