للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَسْتَقْسِمون بها، ﴿رِجْسٌ﴾. يقولُ: إثمٌ ونَتْنٌ، سَخِطَه اللَّهُ وكَرِهَه لكم، ﴿مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾. يقولُ: شُرْبُكم الخمرَ، وقِمارُكم على الجُزُرِ (١)، وذبحُكم للأنصابِ، واسْتِقْسامُكم بالأزلامِ، مِن تزيينِ الشيطانِ لكم، ودعائِه إياكم إليه، وتحسينِه لكم، لا مِن الأعمالِ التي ندَبكم إليها ربُّكم، ولا مما يرضاه لكم، بل هو مما يَسْخَطُه لكم، ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾. يقولُ: فاترُكوه وارفضُوه ولا تعملُوه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. يقولُ: لكى تُنجِحوا فتُدْرِكُوا الفلاحَ عندَ ربِّكم، بتركِكم ذلك.

وقد بيَّنا معنى "الخمرِ" و "الميسرِ" و "الأزلامِ" فيما مضَى، فكرِهنا إعادتَه (٢).

وأما الأنصابُ، فإنها جمعُ نُصُبٍ، وقد بيَّنا معنى "النُّصُبِ" بشواهدِه فيما مضَى (٣).

ورُوِىَ عن ابن عباسٍ في معنى الرجسِ في هذا الموضعِ ما حدَّثني به المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾. يقولُ: سَخَطٌ (٤).

وقال ابن زيدٍ في ذلك ما حدَّثني به يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾. قال: الرجسُ الشرُّ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١)﴾.

يقولُ تعالى ذِكْرُه: إنما يريدُ لكم الشيطانُ شُرْبَ الخمرِ، والمياسرةَ بالقِداحِ، ويُحَسِّنُ ذلك لكم؛ إرادةً منه أن يُوقِعَ بينكم العداوةَ والبغضاءَ في شُرْبِكم الخمرَ


(١) الجزر، جمع الجزور: وهو ما يصلح للذبح من الإبل.
(٢) ينظر معنى الخمر والميسر في ٣/ ٦٥٣ - ٦٦٠.
(٣) ينظر معنى الأنصاب والأزلام في ص ٦٩ - ٧٦.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٩٨ (٦٧٥٨) من طريق أبي صالح به ـ