للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بغيرِ ثَبَتٍ، وإنما قالوه ظنًّا.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرهُ: من عمِل بطاعةِ اللَّهِ في هذه الدنيا، فأْتمَر لأمرِه، وانتَهى عما نهاه عنه، ﴿فَلِنَفْسِهِ﴾. يقولُ: فلنفسه عمل ذلك الصالحَ من العملِ؛ لأنه يُجازَى عليه جزاءَه، فيَسْتَوجِبُ في المعادِ من اللَّهِ الجنةَ والنجاةَ من النارِ، ﴿وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾. يقولُ: ومن عمل بمعاصِى اللَّهِ فيها، فعلى نفسِه جنَى؛ لأنه أكسَبها بذلك سخطَ اللَّهِ والعقابَ الأليمَ، ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وما ربُّك يا محمدُ بحاملِ عقوبةِ ذنبِ مُذْنِبٍ على غيرِ مُكتسِبِه، بل لا يُعاقِبُ أحدًا إلا على جُرْمِه الذي اكتَسَبه في الدنيا، أو على سببٍ استحقَّه به منه. واللَّهُ أعلم.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ (١) مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إلى اللَّهِ يَرُدُّ العالمون به علمَ الساعةِ، فإنه لا يَعْلَمُ متى (٢) قيامُها غيرُه، ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ (١) مِنْ أَكْمَامِهَا﴾. يقولُ: وما تَظْهَرُ مِن ثمرةِ شجرةٍ من أكمامِها التي هي مُتَغيِّبةٌ فيها، فتَخْرُجُ منها بارزةً، ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى﴾. يقولُ: وما تَحْمِلُ من أنثى مِن حَمْلِ حِينَ تَحْمِلُه، ولا تَضَعُ ولدها - إلا بعلمٍ مِن اللَّهِ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من ذلك.


(١) في ص، ت ١، ت ٣: "ثمرة".
(٢) في ص، م، ت: "ما".