للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُتَّكَأً﴾. وذلك أن الله تعالى ذكرُه أَخْبَر عن إيتاءِ امرأةِ العزيز النسوةَ السكاكينَ، وترَك ما له آتتهُنَّ السكاكينَ؛ إذ كان معلومًا أن السكاكينَ لا تُدْفَعُ إلى من دُعى إلى مجلسٍ إلا لقطعِ ما يُؤكلُ إذا قُطِع بها، فاستَغنى بفهمِ السامعِ بذكرِ إيتائِها صواحباتِها السكاكينَ، عن ذكرِ ماله آتتهنَّ ذلك، فكذلك استَغنى بذكرِ اعتدادِها لهن المتكأَ عن ذكرِ ما يُعْتَدُّ له المتكأُ، مما يحضُرُ المجالسَ من الأطعمةِ والأشربةِ والفواكهِ وصنوفِ الإلتهاءِ؛ لفهمِ السامعين بالمرادِ من ذلك، ودلالةِ قولِه: ﴿وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً﴾ عليه. فأما نفسُ المُتَّكأَ، فهو ما وصَفنا خاصةً دونَ غيرِه.

وقولُه: ﴿وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وقالت امرأةُ العزيزِ ليوسفَ: اخْرُج عليهنَّ. فخرَج عليهنَّ يوسفُ، ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فلما رأَيْنَ يوسفَ أَعْظَمُنه وأَجْلَلْنه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا شَبَابةُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابن أبي نَجيحٍ. عن مجاهدٍ قولَه: ﴿أَكْبَرْنَهُ﴾: أَعْظَمْنَهُ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.


(١) تفسير مجاهد ص ٣٩٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٦، ١٧ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبى الشيخ.