للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما لكم مِن الشَّرْبِ ليس لكم في يومِ وِرْدِها أن تشربوا من شِرْبِها شيئًا، ولا لها أن تشربِ في يومِكم مما لكم شيئًا.

ويعنى بالشَّرْبِ الحظِّ والنصيبَ من الماءِ. يقولُ: لها حَظَّ مِن الماءِ، ولكم مِثْلُه. والشُّرْبُ والشَّرْبُ والشِّرْبُ مصادرُ كلُّها، بالضمِّ والفتحِ والكسرِ. وقد حُكِى عن العربِ سماعًا: آخِرُها أقلُّها شُرْبًا، وشِرْبًا (١).

وقولُه: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾. يقولُ: لا تَمَسُّوها بما يُؤْذِيها مِن عَقْرٍ وقتلٍ ونحوِ ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ في قولِه: ﴿وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾: لا تَعْقِروها.

وقولُه: ﴿فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. يقولُ: فيَحِلَّ بكم مِن اللهِ عَذابُ يومٍ عظيمٍ عذابُه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٥٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٥٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فخالَفت ثمودُ أمرَ نبيِّها صالحٍ فعقروا الناقةَ التي قال لهم صالحٌ: لا تَمَسُّوها بسُوءٍ. فأصبَحوا نادِمِين على عَقْرِهموها، فلم يَنْفَعُهم


(١) هذا مثلٌ، أصله في سقى الإبل؛ لأن المتأخر عن الورود ربما جاء وقد مضى الناس بعفوة الماء، أي صفوته، وربما وافق منه نفادا، فكن في أول من يُورد، فليس تأخير الورد إلا من العجز والذل. مجمع الأمثال ١/ ٦٩.