في هذه الآية: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾. قال: التي هي أحسنُ، لا يقولُ له مثلَ قولِه، بل يقولُ له: يرحَمُك اللهُ، يغفرُ اللهُ لك (١).
وقولُه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: إِنَّ الشيطانَ يُسوِّءُ محاورةَ بعضهم بعضًا ﴿يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: يُفْسِدُ بينَهم، ويُهيِّجُ بينَهم الشرَّ. ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا﴾. يقول: إنَّ الشيطانَ كان لآدمَ وذريَّتِهِ عدوًّا مبينًا؛ قد أبانَ لهم عداوَتَه بما أظهَرَ لآدم من الحسَدِ، وغرورهِ إيَّاه حتى أخرَجَه من الجنةِ.
يقولُ تعالى ذكرُه لهؤلاءِ المشركين من قريشٍ الذين قالوا: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا﴾: ﴿رَبُّكُمْ﴾ أيُّها القومُ ﴿أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ﴾ فيتوبُ عليكم برحمتِه، حتى تُنيبوا عمَّا أنتم عليه من الكفرِ به وباليومِ الآخرِ ﴿أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ﴾ بأنْ يخذلَكُم عن الإيمانِ، فتموتوا على شرِكِكم، فيعذِّبَكم يومَ القيامةِ بكفرِكم به.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن عبد الملكِ بن جُريجٍ قولَه: ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ﴾. قال: فتؤمنوا ﴿أَوْ إِنْ يَشَأْ
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٨٨ إلى المصنف.