للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتجرُّدِ للإحرامِ، وأن يكونَ من لم يكنْ له متجرِّدًا فغيرُ محرمٍ. وفي إجماعِ الجميعِ على أنه قد يكونُ محرِمًا، وإن لم يكنْ متجرِّدًا من ثيابِه، بإيجابِه الإحرامَ، ما يدلُّ على أنه قد يكونُ محرِمًا وإن لم يُلَبِّ، إذ كانت التلبيةُ بعضَ مشاعرِ الإحرامِ، كما التجرُّدُ له بعضُ مشاعرِه. وفي إجماعِهم على أنه قد يكونُ محرِمًا بترْكِ بعضِ مشاعرِ حَجِّه، ما يدلُّ على أن حكمَ غيرِه من مشاعرِه حكمُه.

أو يكونَ - إذ فسَد هذا القولُ - قد يكونُ محرِمًا وإن لم يُلَبِّ ولم يتجرَّدْ ولم يَعزِمِ العزمَ الذي وصَفنا. وفي إجماعِ الجميعِ على أنه لا يكونُ محرِمًا من لم يعزِمْ على الإحرامِ ويوجِبْه على نفسِه، إذا كان من أهلِ التكليفِ، ما يُنْبِئُ عن فسادِ هذا القولِ.

وإذ فسَد هذان الوجهان، فبيِّنَةٌ صحةُ الوجهِ الثالثِ، وهو أن الرجلَ قد يكونُ محرمًا بإيجابِه الإحرامَ بعزمِه، على سبيلِ ما بيَّنَّا، وإن لم يظهَرْ ذلك بالتجرُّدِ والتلبيةِ وصُنْعِ (١) بعضِ ما عليه عملُه من مناسكِه. وإذا صحَّ ذلك، صحَّ ما قلنا من أن فرضَ الحَجِّ هو ما [وصَفْنا من] (٢) إيجابِه بالعزمِ على نحوِ ما قد (٣) بيَّنَّا قبلُ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَلَا رَفَثَ﴾.

اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى "الرَّفَثِ" في هذا الموضعِ، فقال بعضُهم: هو الإفحاشُ للمرأةِ في الكلامِ، وذلك [نحو أن] (٤) يقولَ: إذا أحلَلْنا فعلتُ بكِ كذا (٥). ولا يَكْنى عنه، وما أشبَهَ ذلك.


(١) في م: "صنيع".
(٢) في م، ت ٢، ت ٣: "مر"، وفي ت ١: "أمر".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "بأن".
(٥) بعده في م، ت ١، ت ٢: "وكذا".