للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين ما تعِدُهم من عذابِك، فلا تُهلِكْنى بما تهلكُهم به، ونجِّنى من عذابِك وسَخَطِك، فلا تجعَلْنى في القومِ المشركين، ولكن اجعلْنى ممن رَضِيتَ عنه من أوليائِك.

وقولُه: ﴿فَلَا تَجْعَلْنِي﴾. جوابٌ لقولِه: ﴿إِمَّا تُرِيَنِّي﴾. اعتُرِض بينهما بالنداءِ، ولو لم يكنْ قبلَه جزاءٌ لم يَجُزْ ذلك في الكلامِ، لا يقالُ: يا زيدُ فقمْ. ولا: يا ربِّ فاغفرْ لى. لأنَّ النداءَ مستأنَفٌ، وكذلك الأمرُ بعدَه مستأنفٌ، لا تدخلُه الفاءُ والواوُ، إلا أنْ يكون جوابًا لكلامٍ قبلَه.

وقولُه: ﴿وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإنا يا محمدُ على أنْ نريَك في هؤلاء المشركين ما نعِدُهم من تعجيلِ العذابِ لهم - لقادرون، فلا يَحْزُنَنَّك تكذيبُهم إياك بما نعِدُهم به، وإنما نؤخِّرُ ذلك ليبلُغَ الكتابُ أجلَه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (٩٨)﴾.

يقولُ تعالى ذِكرُه لنبيِّه: ادفعْ يا محمدُ بالخَلَّةِ التي هي أحسنُ؛ وذلك الإغضاءُ والصفحُ عن جَهَلةِ المشركين، والصبرُ على أذاهم. وذلك أمرَه إياه قبلَ أمرِه بحربِهم.

وعنَى بـ "السيئة": أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند عندِ اللهِ. يقولُ له تعالى ذِكْرُه: اصْبرْ على ما تَلقَى منهم في ذاتِ اللهِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.