للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وكما جزَيْتُ يوسُفَ فآتَيْتُه بطاعتِه إياى الحكمَ والعلمَ، ومكَّنْتُه فى الأرضِ، واسْتَنْقَذْتُه مِن أيدى إخوتِه الذين أرادوا قتلَه، كذلك نَجْزِى مَن أَحْسَن فى عملِه فأطاعنى فى أمرى، وانْتَهَى عما نهَيْتُه عنه مِن معاصىَّ.

وهذا وإن كان مخرجُ ظاهرِه على كلِّ محسنٍ، فإن المرادَ به محمدٌ نبيُّ الله يقولُ له ﷿: كما فعَلْتُ هذا بيوسُفَ مِن بعدِ ما لقِى مِن إخوتِه ما لقِى وقاسَى مِن البلاءِ ما قاسَى، فمكَّنْتُه في الأرضِ، ووطَّأْتُ له في البلادِ، فكذلك أَفْعَلُ بك، فأُنَجِّيك مِن مشركي قومِك الذين يَقْصِدونك بالعَداوةِ، وأُمَكِّنُ لك في الأرضِ، وأُوتِيك الحكمَ والعلمَ؛ لأن ذلك جَزائي أهل (١) الإحسانِ في أَمْرِى ونهيي.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن علىٍّ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾. يقولُ: المُهْتدِين (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٢٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وراوَدَت امرأةُ العزيزِ، وهى التي كان يوسفُ في بيتِها، عن نفسِه أن يُواقِعَها.

كما حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ولما بلَغ أَشُدَّه،


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٢ إلى المصنف.