للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قنطرة البَرَدان (١)، واشتهر اسمه في العلم وشاع خبره بالفهم والتقدم واستقر بها إلى أن مات.

وقد حصَّل الطبري بهذا التَّطواف علمًا لم يحصل لأحد في عصره، فصار به عالم عصره وفقيه زمانه، فأخذ فقه الشافعي عن الربيع بن سليمان بمصر، وعن الحسن بن محمد الزعفراني ببغداد، وأخذ فقه مالك عن يونس بن عبد الأعلى وبني عبد الحكم محمد وعبد الرحمن وسعد، وابن أخي وهب، وأخذ فقه العراق عن أبي مقاتل بالري، وأدرك الأسانيد العالية بمصر والشام والعراق والكوفة والبصرة والري، فصار متفننًا في جميع العلوم؛ علم القرآن، والحديث، والفقه، والنحو، والشعر، واللغة، حاذقًا في جميعها.

[ثناء العلماء عليه]

اجتمع لابن جرير الطبري من الصفات الخَلْقية والخُلُقية ما جعله من العلماء الربانيين، الذين يشار إليهم بالبنان، فشهد له أفذاذ العلماء بالسبق والريادة، سعة العلم مع التواضع وقوة الحفظ والذكاء، وتوَّج هذا كله ما تحلى به من زهد، وعفة، وورع.

قال عنه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: كان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه؛ لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا للكتاب، عارفًا بالقراءات، بصيرًا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب


(١) قنطرة البَرَدان: القنطرة: الجسر وما ارتفع من البنيان، وقنطرة البردان: محلة ببغداد. القاموس (ق ن ط ر).

<<  <  ج: ص:  >  >>