للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقالت كفارُ قريشٍ: إن نَتَّبِعِ الحقَّ الذي جِئْتَنا به معك، ونَتَبَرَّأْ من الأندادِ والآلهةِ، يَتَخَطَّفْنا الناسُ مِن أرضنا، بإجماع جميعهم على خِلافِنا وحربِنا. يقولُ اللهُ لنبيِّه: فقُلْ: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾؟ يقولُ: أولم نُوَطِّئْ (١) لهم بلدًا حَرَّمنا على الناسِ سفكَ الدماءِ فيه، ومَنَعْناهم مِن أَن يَتَناولوا سُكَّانَه فيه بسوءٍ، وأمْنًا على أهلِه من أن يُصيبهم بها غارةٌ، أو قتلٌ، أو سباءٌ؟

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن عبد اللهُ بن أبي مُلَيْكَةَ، عن ابن عباسٍ، أن الحارثَ بنَ نَوْفَلٍ، الذي قال: ﴿إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾. وزعموا أنهم قالوا: قد عَلِمْنا أنك رسولُ اللهِ ولكِنَّا نَخافُ أن نُتَخَطَّفَ مِن أرضِنا. ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ﴾ الآيةَ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا﴾. قال: هم أُناسٌ مِن قريشٍ قالوا لمحمدٍ : إن نَتَّبِعْكَ يَتَخَطَّفْنا الناسُ. فقال اللهُ:


(١) وطَّأه: هَيَّأه. تاج العروس (وط أ).
(٢) أخرجه النسائي في الكبرى (١١٣٨٥) من طريق حجاج عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال: قال عمرو بِن شعيب عن ابن عباس، ولم يسمعه منه، أن الحارث بن نوفل الذي قال … إلى قوله تعالى: ﴿مِنْ أَرْضِنَا﴾، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٣٤ إلى ابن المنذر، وذكره القرطبي في تفسيره ١٣/ ٣٠٠ بنحوه.