للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني عليُّ بنُ داودَ، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليِّ ابن أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾: يعنى إذا كُنَّ هكذا فأَحْسِنوا (١) إليهنَّ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ (٢)﴾.

اختلف أهلُ التأويلِ في معنى قولِه: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: واللاتي تعلَمون نشوزَهنَّ.

ووَجْهُ صَرْفِ الخوفِ في هذا الموضعِ إلى العلمِ في قولِ هؤلاء نظيرُ صرفِ الظنِّ إلى العلمِ؛ لتَقاربِ (٣) معنييْهما، إذ كان الظنُّ شكًّا، وكان الخوفُ مقرونًا برَجاءٍ، وكانا جميعًا من فعلِ المرءِ بقلبِه، كما قال الشاعرُ (٤):

ولا تَدْفِتَنِّي في الفَلَاةِ فإنَّني … أخافُ إذا ما مِتُّ أَن لا أَذُوقُها

بمعنى (٥): فإننى أَعلَمُ. وكما قال الآخرُ (٦):

أَتاني كلامٌ عن نُصَيْبٍ يَقُولُهُ … وما خِفْتُ يا سَلَّامُ أَنَّكَ عَائِبي

بمعنى: وما ظَنَنتُ.

وقال جماعةٌ مِن أهلِ التأويلِ: معنى الخوفِ في هذا الموضعِ الخوفُ الذي هو خلافُ الرجاءِ. قالوا: ومعنى ذلك: إذا رأيتُم منهن ما تَخافون أن يَنْشُزْنَ عليكم،


(١) في ص، م: "فأصلحوا".
(٢) ليست في النسخ، وسيفسرها المصنف في هذا الموضع بعد.
(٣) في ص، ت ١، س: "لتفاوت".
(٤) تقدم تخريجه في ٤/ ١٣٦.
(٥) في م، ت ٢: "معناه".
(٦) تقدم تخريجه في ٤/ ١٣٥.