للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَقٍّ﴾. يقولُ: وبما كانوا يَقْتُلون أنبياءَهم ورُسُلَ اللَّهِ إليهم، اعتداءً على اللَّهِ، وجراءةً عليه بالباطلِ، وبغيرِ حقٍّ استحقُّوا منهم القتلَ.

فتأويلُ الكلامِ: أُلزِموا الذلةَ بأىِّ مكانٍ لُقُوا، إلا بذمةٍ مِن اللهِ وذمةٍ مِن الناسِ، وانصرَفوا بغضبٍ مِن اللَّهِ مُتَحَمِّليه (١)، وأُلزِموا ذُلَّ الفاقةِ وخشوعَ الفقرِ، بدلًا مما كانوا يَجْحَدُون بآياتِ اللهِ وأدلتِه وحججِه، ويَقْتُلون أنبياءَه بغيرِ حقٍّ ظلمًا واعتداءً.

القولُ فى تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢)﴾.

يعنى (٢) تعالى ذكرُه: فعَلنا بهم ذلك بكفرِهم وقَتْلِهم الأنبياءَ ومعصيتِهم ربَّهم واعتدائِهم أمرَه.

وقد بيَّنّا معنى "الاعتداءِ" في غيرِ موضعٍ فيما مضَى مِن كتابنا بما (٣) فيه الكفايةُ عن إعادتِه (٤).

فأعلَم ربُّنا جلَّ ثناؤُه عبادَه ما فعَل بهؤلاء القومِ مِن أهلِ الكتابِ؛ مِن إحلالِ الذلةِ والخزى بهم في عاجلِ الدنيا، مع ما ذخَر لهم في الآجلِ مِن العقوبةِ والنكالِ وأليمِ العذابِ، إذ تعدَّوا حدودَه واستحَلُّوا محارمَه؛ تذكيرًا منه تعالى ذكرُه لهم، وتنبيهًا على موضعِ البلاءِ الذى مِن قِبَلِه أُتوا، ليُنيبوا ويَذَّكَّروا، وعِظةً منه لأمتِنا ألا يَسْتَنُّوا بسنتهم ويَرْكَبوا منهجَهم (٥)، فيَسْلُك بهم مسالِكَهم، ويُحِلَّ بهم مِن نقمِ اللَّهِ ومَثُلاتِه (٦) ما أحلَّ بهم.


(١) في الأصل: "محتمليه".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يقول"
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مما".
(٤) ينظر ما تقدم في ٢/ ٣٢.
(٥) في ص: "مناهجهم"، وفى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "منهاجهم".
(٦) في س: "بلائه".