للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأوثان، ﴿لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي﴾. يقولُ: لما جاءني الآيات الواضحات من عند ربِّي. وذلك آيات كتاب الله الذي أنزَله عليه (١)، ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. يقولُ: وأمرنى ربى أن أَذِلَّ لربِّ [العالمين ربِّ] (٢) كلِّ شيءٍ، ومالكِ كلِّ خلقٍ بالخضوع، وأَخْضَعَ له بالطاعةِ دون غيره من الأشياءِ.

القول في تأويل قوله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٦٧)[غافر: ٦٧].

يقول تعالى ذكرُه، آمرًا نبيّه محمدا بتنَبْيِهِ مُشركي قومه على حُجَجه عليهم في وحدانيته: قُلْ يا محمد لقومِك: أُمِرتُ أن أُسلِمَ لربِّ العالمين، الذي صفته هذه الصفاتُ، وهى أنه خلق أباكم آدمَ من ترابٍ، ثم خلقكم من نُطْفَةٍ، ثم من علَقَةٍ بعد أن كنتم نُطَفًا، ثم يُخْرِجُكم طفلًا مِن بُطُونِ أمهاتكم صغارًا، ثم لتبلغوا أَشُدَّكم، فتتكاملَ قُوَاكم، ويَتناهَى شبابكم وتمام خلقكم، [ثم لتكونوا من بعد ما تَناهَى كمالُ قُواكم وتمام خلقكم] (٢) شُيوخًا، ومنكم من يُتوفّى من قبل أن يبلغ الشيخوخة، ﴿وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمَّى﴾. يقولُ: ولتَبْلُغُوا ميقاتًا مؤقَّتًا لحياتكم، وأجلا محدودًا لا تُجاوزونه، ولا تتقدَّمون قبله، ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾. يقولُ: وكى تَعْقِلُوا حجَجَ الله عليكم بذلك، وتتدبَّروا آياته، فتعرفوا بها أنه لا إله غيرُه فعل ذلك.

القول في تأويل قوله ﷿: ﴿هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٦٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩)﴾.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.