للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾. يقولُ: والجبال للأرضِ أوتادًا أن تَميدَ بكم،

﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾: ذُكرانًا وإناثًا، وطوالًا وقِصارًا، أو ذوى دَمامةٍ [وجمالٍ. مثلَ] (١) قولِه: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ [الصافات: ٢٢]. يَعْني به ضُرَباءَهم (٢)، ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا﴾. يقولُ: وجعَلنا نومَكم لكم راحةً ودَعةً، تهدَءون به وتَسْكُنون، كأنكم أمواتٌ لا تَشْعُرون، وأنتم أحياءٌ لم تُفَارِقْكم الأرواحُ.

والسَّبتُ والسُّباتُ هو السكونُ. ولذلك سُمِّى السبتُ سبتًا؛ لأنه يومُ راحةٍ ودعَةٍ،

﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وجعَلنا الليلَ لكم غِشاءَ يَتَعَشَّاكم سوادُه، وتُغَطِّيكم ظلمتُه، كما يُغَطِّى الثوبُ لابسَه؛ لتسكُنوا فيه عن التصرُّف لِمَا كنتم تتصرَّفون له نهارًا، ومنه قولُ الشاعرِ (٣):

فلما لَبِسنَ الليلَ أو حينَ نَصَّبَتْ … له من خَذا آذانِها وهْوَ جانحُ (٤)

يعنى بقولِه: لبِسن الليلَ: أُدْخِلْنَ في سوادِه فاستتَرْنَ به.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مهرانُ، عن سفيانَ، عن قتادةَ: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا﴾. قال: سكَنًا (٥).

وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾. يقولُ: وجعَلْنا النهارَ لكم ضياءً؛ لتنتَشِروا


(١) في ص، ت ١: "جمالة من".
(٢) في م: "صيرناهم".
(٣) تقدم في ١/ ٣٤٤، ١٢/ ٢٣٩.
(٤) في م: "دالج".
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٢٧.