للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معك [لجهاد عدوِّك - الخروج معك] (١)، ﴿لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾. يقولُ: لأَعَدُّوا للخروج عُدَّةً، ولَتَأهَّبُوا للسفر والعدوِّ أُهْبتهما، ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾. يعنى: خُروجهم لذلك، ﴿فَثَبَّطَهُمْ﴾. يقولُ: فثَقَّل عليهم الخروج حتى اسْتَخَفُّوا القُعود في منازلهم خلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج، ﴿وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾. يعنى: اقْعُدُوا مع المَرْضَى والضعفاء الذين لا يجدون ما يُنْفِقُون، ومع النساء والصِّبيانِ، واتركوا الخروج مع رسول الله والمجاهدين في سبيل الله. وكان تَثْبيطُ اللَّهِ إيّاهم عن الخروج مع رسوله والمؤمنين به؛ لعِلْمِه بنفاقهم وغشهم للإسلام وأهله وأنهم لو خَرَجوا معهم ضَرُّوهم ولم يَنْفَعوا. وذُكر أن الذين اسْتَأذَنوا رسول الله في القُعُودِ كانوا عبد الله ابنَ أُبَيٍّ ابن سلول، والجَدَّ بنَ قَيْسٍ، ومَن كان على مثل الذي كانا عليه.

كذلك حدثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاق، قال: كان الذين استأذنوه، فيما بلغنى، مِن ذَوى الشَّرَفِ، منهم: عبد الله بن أُبَيٍّ ابن سلول، والجد بن قَيْسٍ، وكانوا أشرافًا في قومهم، فثبَّطَهم الله؛ لِعِلْمِه بهم، أن يَخْرُجوا معهم، فيُفْسِدوا عليه جندَه (٢).

القول في تأويل قوله: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٤٧)﴾.

يقول تعالى ذكره: لو خرج، أيُّها المؤمنون، فيكم هؤلاء المنافقون، ﴿مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا﴾. يقولُ: لم يَزيدُوكم بخروجهم فيكم إلا فسادًا وضُرًّا؛ ولذلك ثبَّطتهم عن الخروج معكم.


(١) سقط من: ت ١، س، ف.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٤٩، ٥٥٠.