للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ﴾ الآية. قال (١): وإن الإسلامَ دينٌ مُطَهِّرُهُ اللهُ مِن كلِّ سُوءٍ، وجعَل لك فيه يا بنَ آدمَ سَعَةً إِذا اضْطُرِرْتَ إلى شيءٍ من ذلك. قولُه: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾: غيرَ باغٍ فى أكلِه، ولا عادٍ أن يَتَعَدَّى حلالًا إلى حرامٍ، وهو يجِدُ عنه مَنْدُوحَةً (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١١٧)﴾.

اختلفت القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامَّةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ﴾. فيكونُ "تصفُ الكذبَ" بمعنى: ولا تقولوا لوصْفِ ألسنتِكم الكَذِبَ. فيكونُ "ما" بمعنى المصدرِ.

وذُكِر عن الحسنِ البصريِّ أنه قرَأ: (ولَا تقولُوا لما تصِفُ ألْسِنَتُكم الكَذِبِ هذا). بخفضِ "الكذبِ" (٣)، بمعنى: ولا تقولوا للكذبِ الذى تَصِفُه ألسنتُكم: هَذَا حَلالٌ وهذَا حَرَامٌ. فيجعَلُ "الكذبَ" ترجمةً عن "ما" التي في ﴿لِمَا﴾ فيَخْفِضُه بما يَخْفِضُ به "ما".

وقد حُكِى عن بعضِهم: (لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الكُذُبُ). برفعِ "الكُذُبِ" (٤)، فيجعَلُ "الكُذُبَ" من صفةِ الألسنةِ، ويُخَرَّجُ (٥) على "فُعُلٍ"،


(١) زيادة من: م والدر المنثور.
(٢) تقدم تخريج قوله: ﴿فمن اضطر. . .﴾ فى ٣/ ٦١. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) وهي قراءة الأعرج وابن يعمر وابن أبي إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة. المحتسب ٢/ ١٢.
(٤) وهي قراءة مسلمة بن محارب. المصدر السابق.
(٥) فى ص، ت ١، ت ٢، ف: "يخرجوا".