للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلُ، مِن أن معنى السبيلِ التي ذكَرها في هذا الموضعِ الإسلامُ، وما جاء به محمدٌ من الحقِّ من عندِ اللَّهِ.

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠)﴾.

اخْتَلف أهلُ التأويلِ في من عنَى بذلك؛ فقال بعضُهم: عنَى بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ من الأوسَ والخزرجَ، وبـ ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾: شَأْسَ بن قيسٍ اليهوديَّ. على ما قد ذكَرْنا قبلُ من خبرِه عن زيدِ بن أسلمَ (١).

وقال آخرون في مَن عنَى بـ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ مثلَ قولِ زيدِ بن أسلمَ، غيرَ أنهم قالوا: الذي جرَى الكلامُ بينَه وبينَ غيرِه من الأنصارِ حتى همُّوا بالقتالِ، ووجَد اليهوديُّ به مَغْمَزًا فيهم، ثعلبةُ بن عَنَمَة (٢) الأنصاريُّ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾: قال: نَزَلَتْ في ثعلبة بن عَنَمةَ (٢) الأنصاريِّ؛ كان بينَه وبينَ أناسٍ من الأنصارِ كلامٌ، فمشى بينَهم يهوديٌّ من قَيْنُقَاعَ، فحمَل بعضَهم على بعضٍ (٣)، حتى همَّت الطائفتان من الأوسِ والخزرجِ أن يَحْمِلُوا السلاحَ فيُقاتِلوا، فأَنْزل اللَّهُ ﷿: هو ﴿إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ


(١) هو الأثر المتقدم في الصفحة السابقة.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣ س: "غنمة". بالغين. وينظر أسد الغابة ١/ ٢٩١، والإصابة ١/ ٤٠٦.
(٣) حملت على بنى فلان: إذا أرشتَ بينهم. التاج (ح م ل). والمعنى هنا: الإيقاع والإفساد بينهم.