للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَافِرِينَ﴾. يقولُ: إن حمَلتم السلاحَ فاقْتَتَلْتُم كَفَرْتم (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا جعفرُ (٢) بنُ سليمانَ، عن حُميدٍ الأعرِج، عن مجاهدٍ في قولهِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ قال: كان جِماعُ قبائلِ الأنصارِ بَطْنَيْنِ؛ الأوسَ والخزرجَ، وكان بينَهما في الجاهليةِ حربٌ ودماءٌ وشَنآنٌ، حتى منَّ اللَّهُ عليهم بالإسلامِ وبالنبيِّ ، فأَطْفَأ اللَّهُ الحربَ التي كانت بينَهم، وألَّف بينَهم بالإسلامِ. قال: فبَيْنَا رجلٌ مِن الأوسِ ورجلٌ من الخزرجِ قاعدان يَتَحَدَّثان، ومعهما يهوديٌّ جالسٌ، فلم يَزَلْ يُذَكِّرُهما أيامهما، والعداوةَ التي كانت بينَهم، حتى اسْتَبَّا، ثم اقْتَتَلا. قال: فنادَى هذا قومَه، وهذا قومَه، فخرَجوا بالسلاحِ، وصفَّ بعضُهم لبعض. قال: ورسولُ اللَّهِ شاهدٌ يومَئذٍ بالمدينةِ، فجاء رسولُ اللَّهِ ، فلم يزلْ يمشى بينَهم إلى هؤلاء وإلى هؤلاء؛ ليُسَكِّنَهم (٣)، حتى رَجَعوا ووَضَعوا السلاحَ، فأَنْزَل اللَّهُ ﷿ القرآنَ في ذلك: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ إلى قوله: ﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (٤).

فتأويلُ الآية: يا أيها الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، وأَقَرُّوا بما جاءهم به نبيُّهم من عندِ اللَّهِ، إن تُطيعوا جماعةً ممن يَنْتَحِلُ الكتابَ من أهلِ التوراةِ والإنجيلِ، فتَقْبَلوا


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧١٨، ٧١٩ (٣٨٩٢، ٣٨٩٧) من طريق أحمد بن المفضل به مختصرًا.
(٢) في تفسير عبد الرزاق: "معمر" خطأ. وينظر تهذيب الكمال ٥/ ٤٣.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فيسكنهم"، وفى تفسير عبد الرزاق: "يسكنهم". والمثبت موافق لما في تفسير ابن أبي حاتم.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٢٨، ١٢٩. وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧١٩ (٣٨٩٤) عن الحسن به.