للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى الدُّرِّ، وكذلك كُرسيٌّ وكِرسيٌّ. وقالوا: ذلك من قيلِهم كذلك نظيرُ قولِهم في جمعِ العصا: العِصِيُّ. بكسرِ العينِ، والعُصيُّ بضمِّها. قالوا: وإنما اخترنا الضمَّ في السُّخريِّ لأنه أفصحُ اللغتين.

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتانِ مشهورتانِ، ولغتانِ معروفتانِ، بمعنًى واحدٍ، قد قرأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القرأةِ، فبأَيَّتِهما قرأ القارىُ ذلك فمصيبٌ، وليس [يُعرفُ من فَرْقٍ] (١) بينَ معنى ذلك إذا كُسِرت السينُ وإذا ضُمَّت؛ لِما ذكرتُ من الروايةِ عمن سمِع من العربِ ما حَكَيتُ عنه.

ذكرُ الروايةِ عن بعضِ مَنْ فَرَّق في ذلك بينَ معناه مكسورةً سينُه ومضمومةً

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ: ﴿فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا﴾ قال: هما مختلفان: سِخريًّا، وسُخريًّا، يقولُ اللهُ: ﴿وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا﴾ [الزخرف: ٣٢]. قال: هذا سُخريٌّ (٢)، يُسَخِّرونهم، والآخرون الذين يستهزئون بهم، هم "سِخريًّا"، فتلك سُخريًّا، تُسَخِّرونهم - عبيدُك (٣) - تَسْخِرَةً (٤)، رفعَك فوقَه، والآخرون استهزءوا بأهلِ الإسلامِ، هي "سِخريًّا"، يَسْخَرون منهم (٥)، فهما مختلفان. وقرأ قولَ اللهِ: ﴿وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ [هود: ٣٨]. وقال: يسخرون منهم كما سخِر قومُ نوحٍ بنوحٍ،


(١) في ص، ف: "لفرق من قرن"، وفى ت ٢: "لفرق من فرق".
(٢) في م: "سخريا".
(٣) في م، ف: "عندك"، وفي ت ٢: "بذل".
(٤) في م: "فسخرك"، وفى ف: "بسخره".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "منهما".