للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبيثُ هم المشركون، والطيِّبُ هم المؤمنون (١).

وهذا الكلامُ وإن كان مَخْرَجُه مَخْرَجَ الخطابِ لرسولِ اللهِ ، فالمرادُ به بعضُ أتباعِه، يدلُّ على ذلك قولُه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠٠)

يقولُ تعالى ذكرُه: واتقوا الله بطاعتِه فيما أمَركم ونهاكم، واحْذَروا أن يستحوذَ عليكم الشيطانُ بإعجابِكم كثرةَ الخبيثِ، فتصيروا منهم، ﴿يَاأُولِي الْأَلْبَابِ﴾. يعنى بذلك: أهلَ العقولِ والحِجَا، الذين عقَلوا عن اللهِ آيَاتِه، وعرَفوا مواقعَ حُجَجِه، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. يقولُ: اتقوا الله لِتُفْلحوا، أي: كي تُنْجِحوا في طَلِبَتِكم ما عندَه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.

ذُكِر أن هذه الآيةَ أُنْزِلت على رسولِ اللهِ بسببِ مسائلَ كان يسألُها إيَّاه أقوامٌ امتحانًا له أحيانًا، واستهزاءً أحيانًا، فيقولُ له بعضُهم: مَن أبِى؟ ويقولُ له بعضُهم إذا ضلَّت ناقتُه: أين ناقتى؟ فقال لهم تعالى ذكرُه: لا تسألوا عن أشياءَ من ذلك، كمسألةِ عبدِ اللهِ بن حُذَافَةَ إِيَّاه من أبوه، ﴿إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾. يقولُ: إنْ أَبْدَينا لكم حقيقةَ ما تسألون عنه ساءكم إبداؤُها وإظهارُها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك تظاهرتْ الأخبارُ عن أصحابِ رسولِ اللهِ .


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢١٦ (٦٨٧٠) من طريق أحمد بن مفضل به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٤ إلى أبى الشيخ.