للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (٣٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اللهُ الذي أنشَأ السماواتِ والأرضَ مِن غيرِ شيءٍ، أَيُّها الناسُ، وأنْزَل مِن السماءِ غَيْثًا أحْيا به الشجرَ والزرعَ، فأَثْمَرَت رزقًا لكم تأْكُلونه ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ﴾ وهى السفنُ، ﴿لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ﴾ لكم، تَرْكَبونها وتَحْمِلون فيها أمتعتَكم مِن بلدٍ إلى بلدٍ، ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾؛ ماؤُها شرابٌ لكم. يقولُ تعالى ذكرُه: الذي يَسْتَحِقُّ عليكم العبادةَ وإخلاصَ الطاعةِ له، مَن هذه صفتُه، لا مَن لا يَقْدِرُ على ضُرٍّ ولا نفعٍ، لنفسِه ولا لغيرِه، مِن أوثانِكم، أيُّها المشركون، وآلهتِكم.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، وحدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، يعنى الزَّعْفَرانيَّ، قال: ثنا شَبابةُ، قال: ثنا وَرْقاءُ، وحدَّثنى المُثَنَّى، قال: أخبرنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، وحدَّثنى المُثَنَّى قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ﴾. قال: بكلِّ بَلْدةٍ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (٣٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: اللهُ الذي خلَق السماواتِ والأَرضَ، وفعل الأفعالَ التي


(١) تفسير مجاهد ص ٤١٢ من طريق ورقاء به، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٨٥ عن مجاهد به، وعزاه إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.