للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَضْلِهِ﴾. قال: أغْناهم الله بالجزية الجارية، شهرًا فشهرًا، وعاما فعامًا (١).

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا عَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، عن الحَجَّاجِ، عن أبي (٢) الزبير، عن جابرٍ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. قال: لا يَقْرَبُ المسجد الحرام بعدَ عَامِه هذا مُشْرِكٌ ولا ذِمِّى (٣).

حدثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاق: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾: وذلك أن الناس قالوا: لتُقْطَعنَّ عَنَّا الأسواقُ، فلتَهْلِكَنَّ التجارةُ، وليَذْهَبَنَّ ما كُنَّا نُصِيبُ فيها من المرافق. فنزل: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾: مِن وجه غير ذلك، ﴿إِنْ شَاءَ﴾ إلى قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾. ففى هذا عِوَضٌ مما تَخَوَّفْتُم مِن قَطْعِ تلك الأسواق. فعَوَّضَهم الله بما قطع عنهم من أمرِ الشِّرْكِ، ما أعطاهم مِن أعْناقِ أهل الكتابِ مِن الجزية (٤).

وأما قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فإن معناه: ﴿إنَّ الله عَلِيمٌ﴾ بما حَدَّثَتْكم به أنفسكم، أيُّها المؤمنون، مِن خَوفِ العَيْلة عليها، بمَنْعِ المشركين من أن يَقْرَبوا المسجد الحرام، وغير ذلك من مصالح عبادِه، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تدبيرِه إياهم، وتدبير جميعِ خَلْقِه.

القول في تأويل قوله: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٧٢.
(٢) في ص، ت ١، س: "ابن".
(٣) أخرجه ابن المنذر في الأوسط ١١/ ٢٢ من طريق عباد بن العوام عن أشعث عن أبي الزبير به.
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ٥٤٧، ٥٤٨.