للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾. قال: مِن طاعتى (١).

حدثني الحارثُ، قال: ثنا عبد العزيزِ، قال: ثنا مالك بنُ مِغْوَلٍ، عن أَبانِ بن أبي عياشٍ، عن الحسن في قوله: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾. قال: مِن طاعتي (٢).

ولا وجه لهذا القولِ يُفْهَمُ؛ لأنَّه لم يَجْر للطاعةِ في هذا الموضعِ ذكرٌ فيقالَ: إن شكَرتمونى عليها زدتكم منها. وإنما جرَى ذكرُ الخبر عن إنعام الله على قومِ موسى بقوله: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾. ثم أخبرَهم أن الله أعلَمهم إن شكَروه على هذه النعمة زادهم. فالواجب في المفهوم أن يكون معنى الكلامِ: زادَهم من نعمِه. لا مما لم يَجْرِ له ذكرٌ من الطاعةِ، إلا أن يكونَ أُريد به: لئن شكَرتم فأطَعْتمونى بالشكرِ، لأزيدنَّكم من أسباب الشكرِ ما يُعينُكم عليه. فيكونَ ذلك وجهًا.

وقوله: ﴿وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾. يقولُ: ولئن كفرتم أيها القومُ نعمةَ الله فجحَدتموها بترك شكره عليها، وخلافِه في أمره ونهيِه، وركوبكم معاصيَه ﴿إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾، أعذِّبُكم كما أُعذِّبُ مَن كَفَر بي مِن خلقى.

وكان بعضُ البصريين يقولُ في معنى قوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾: وتأذَّن ربُّكم. ويقولُ: "إذ" من حروفِ الزوائدِ، وقد دلَّلنا على فسادِ ذلك فيما مضى قبل (٣).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٧١ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١ إلى المصنف.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ٤٦٧ وما بعدها.