للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهنَّ فاسقٌ بأذى، من قول ولا ريبة (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكامٌ، عن عنبسة، عمَّن حدَّثه، عن أبي صالحٍ، قال: قدم النبيُّ المدينة على غيرِ منزلٍ، فكان نساء النبي وغيرهنَّ إذا كان الليلُ خَرَجْنَ يقضينَ حوائجهنَّ، وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل، فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾: يَقَنَّعْنَ بالجلباب، حتى تُعرَفَ الأمةُ من الحرَّةِ (٢).

وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ﴾. يقول تعالى ذكره: إدناؤُهُنَّ جلابيبَهنَّ إذا أدنَيْنَها عليهنَّ أَقرَبُ وأحرى أن يُعْرَفنَ ممن مَرَرن به، ويعلموا أنهنَّ لَسْنَ بإماءٍ، فيتنكَّبوا عن أذاهنَّ بقول مكروهٍ، أو تَعرُّضٍ بريبةٍ. ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لما سلف منهنَّ؛ من تركهنَّ إدناءَهُنَّ الجلابيب عليهنَّ، ﴿رَحِيمًا﴾ بهنَّ أن يُعاقِبَهنَّ بعدَ توبتهنَّ، بإدناء الجلابيب عليهنَّ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١)﴾.

يقول تعالى ذكره: لئن لم ينتهِ أهلُ النفاقِ، الذين يَسْتَسِرُّون الكفر ويُظهرون الإيمانَ، ﴿وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾. يعني: ريبةٌ من شهوة الزِّنا، وحبِّ الفجور.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) تفسير مجاهد ص ٥٥٢، وذكره ابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٧١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٢٢ إلى الفريابى وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٢١ إلى المصنف.