للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرُّعْبِ والخوفِ، وما يَلْقَون بسببِ ذلك مِن الأذَى والمَكْروهِ.

ذكرُ الروايةِ بذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسيُن، قال: ثني حجاجٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ قولَه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ الآية. قال: مَكَث النبيُّ عَشْرَ سنينَ خائفًا، يَدْعُو إِلى اللَّهِ سِرًّا وعلانيةً. قال: ثم أُمِر بالهجرةِ إلى المدينةِ. قال: فمكَث بها هو وأصحابُه خائفين (١)، يُصْبِحون في السلاحِ ويُمْشون فيه، فقال رجلٌ: ما يأتى علينا يومٌ نأمَنُ فيه ونَضَعُ عَنَّا السلاحَ؟ فقال النبيُّ : "لا تَغْبُرُونَ (٢) إِلا يَسِيرًا حتى يَجْلِسَ الرجلُ منكم في الملأ العظيمِ مُحْتَبِيًا فيه، ليس فيه حَدِيدةٌ". فأنزَل اللَّهُ هذه الآيةَ: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ إلى قولِه: ﴿وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾. قال: يقولُ: مَن كَفَر بهذه النعمةِ، ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾. وليس يعنى الكفرَ باللهِ. قال: فأظهَره اللهُ على جزيرةِ العربِ، فآمَنوا، ثم تَجَبَّروا، فَغَيَّرَ اللهُ ما بهم، وكَفَروا بهذه النعمةِ، فأدخَل اللهُ عليهم الخوفَ الذي كان رَفَعه عنهم. قال القاسمُ: قال أبو عليٍّ: بِقَتْلِهِم عثمانَ بنَ عفانَ (٣).

واختَلف أهلُ التأويلِ في معنى الكفرِ الذي ذكَره اللهُ في قولِه: ﴿وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ﴾؛ فقال أبو العاليةِ ما ذكَرنا عنه مِن أنه كفرٌ بالنعمةِ لا كفرٌ باللهِ.

ورُوِى عن حُذَيفةَ في ذلك ما حدَّثنا به ابن بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ،


(١) في م، ت ١، ت ٣، ف: "خائفون".
(٢) في ص، ف: "تعترون"، وفى ت ٢: "يفطرون". وتغبرون: تبقون، والغابر هو الباقي. اللسان (غ ب ر).
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٢٩، ٢٦٣٠ من طريق أبي جعفر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٥٥ إلى عبد بن حميد، وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٠١، والبيهقي في الدلائل ٣/ ٦، ٧ من طريق الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب.