للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي (١) إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠٩) (٢)﴾.

يقول تعالى ذكره: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا﴾ يا محمد ﴿مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا﴾ لا نساءً، ولا ملائكةً، ﴿نُوحِي إِلَيْهِمْ﴾ آياتنا، بالدعاء إلى طاعتنا، وإفراد العبادة لنا. ﴿مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾، يعنى: من أهل الأمصار، دون أهل البوادى.

كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي (٣) إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾: لأنهم كانوا أعلم وأحلم (٤) من أهل العمود (٥).

وقوله: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾. يقول تعالى ذكره: أفلم يَسِرْ هؤلاء المشركون الذين يُكَذِّبونك يا محمد، ويَجْحَدون نبوَّتك، ويُنكرون ما جئتهم به من توحيد الله، وإخلاص الطاعة والعبادة له في الأرضِ، ﴿فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ إذ كذَّبوا رسلنا، ألم نُحِلَّ بهم عقوبتنا، فنهلكهم بها، ونُنَجِّ منها رسلنا وأتباعهم (٦)، فيتفكَّروا في ذلك ويعتبروا؟


(١) في ت ١، ت ٢: "يوحى". وهى - بالياء مبنيًا للمفعول - قراءة السبعة غير عاصم في رواية حفص عنه. ينظر السبعة ص ٣٧٣.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "يعقلون" بالياء، وهى قراءة حمزة وابن كثير وأبى عمرو والكسائي. ينظر حجة القراءات ص ٣٦٥.
(٣) في ت ١، ت ٢، ف: "يوحى".
(٤) في ص، ف: "أحكم".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٧/ ٢٢١٠ (١٢٠٥٢) من طريق سعيد به، وأهل العماد: أهل الأخبية؛ وهم الذين لا ينزلون غيرها. ويقال لهم: أهل العمود أيضًا. ينظر تاج العروس (ع م د).
(٦) في م: "وأتباعنا".