للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويَأْخُذُها بيمينِه، وإن الرجلَ يَتَصَدقُ بمثلِ اللقمةِ، فيُربِّيها اللهُ له، كما يُربِّي أحدُكم فَصِيلَه أو مُهْرَه، فتَرْبُو في كفِّ اللهِ - أو قال: في يدِ اللهِ - حتى تكونَ مثلَ الجبلِ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ﴾، ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ كان يَقُولُ: "والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، لا يَتَصدَّقُ رجلٌ بصدقةٍ فتَقَعُ في يدِ السائلِ حتى تَفَعَ في يدِ اللهِ".

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةٌ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾، يعنى إن استقاموا (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : ﴿وَقُلْ﴾ يا محمدُ لهؤلاءِ الذين اعترَفوا لك بذنوبِهم من المتخلِّفين عن الجهادِ معَك: ﴿اعْمَلُوا﴾ للهِ بما يُرْضِيهِ مِن طاعتِه وأداءِ فرائضِه، ﴿فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ﴾. يَقُولُ: فسيرى اللهُ إن عمِلتُم عملَكم، ويراه رسولُه ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ في الدنيا، ﴿وَسَتُرَدُّونَ﴾ يومَ القيامةِ إلى مَن يَعْلَمُ سرائرَكم وعلانيتَكم، فلا يَخْفَى عليه شيءٌ مِن باطنِ أمورِكم وظواهرِها،


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٨٧ عن معمر به، وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ٤٢ من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة بنحوه، وقد تقدم في ٥/ ٤٧ من طريق عبد الرزاق عن معمر به مرفوعا.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٠٥ من طريق عبد الله بن صالح به، وهو تتمة الأثر المتقدم في ص ٦٥١.