للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعْمَلُ بباطنِ علمٍ علَّمَنيه اللهُ، ولا عِلمَ لك إلَّا بالظاهرِ من الأُمورِ، فلا تَصبِرُ على ما تَرى منِّى (١) من الأفعالِ. كما ذكَرْنا مِن الخبرِ عن ابنِ عباسٍ قبلُ مِن أنَّه كان رجلًا يعمَلُ على الغيبِ، قد عُلِّم ذلك (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (٦٨) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (٦٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه مُخْبِرًا عن قولِ العالمِ لموسى: وكيف تَصْبِرُ يا موسى على ما تَرى منِّى من الأفعالِ التى لا علْمَ لك بوجوه صوابِها، وتُقيمُ معى عليها، وأنت إنما تحكُمُ على صوابِ المُصيبِ، وخَطأِ المُخْطئِ، بالظاهرِ الذي عندَك، وبمَبْلغِ علمِك، وأفعالى تَقَعُ بغيرِ دليلٍ ظاهرٍ لرأْيِ عينِك على صوابِها؛ لأنَّها تُبتَدَأُ لأسبابٍ تحدُثُ آجلةً غيرَ عاجلةٍ، لا علمَ لك بالحادثِ عنها؛ لأنَّه (٣) غَيْبٌ، و [لم تُحِطْ] (٤) بعلمِ الغيبِ ﴿خُبْرًا﴾. يقولُ: علمًا.

﴿قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا﴾. [يقولُ: قال موسى للعالمِ: ستجِدُني إن شاء اللهُ صابرًا] (٥) على ما أرَى منك، وإن كان خلافًا لما هو عندِى صوابٌ، ﴿وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا﴾. يقولُ: وأنتهِى إلى ما تأْمُرُنى وإن لم يكنْ مُوافِقًا هواىَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى


= ووقفوا بغير ياء، ووصلها الباقون ووقفوا بغير ياء. السبعة لابن مجاهد ص ٤٠٣.
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) تقدم تخريجه في ص ٣٢٩.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "لأنها".
(٤) فى ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "لا تحيط"
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ف.