للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد ذُكر عن ابن عيينةَ في ذلك ما حدثنى أحمد بن منصورٍ المروزيُّ (١)، قال: أخبَرني صدقة بن الفضلِ قال: سمعتُ ابن عيينة (٢) يقولُ: أوحش ما يكونُ الخلق في ثلاثة مواطنَ: يومَ يُولَدُ فيرى نفسَه خارجًا مما كان فيه، ويومَ يَموتُ فيرَى قومًا لم يكن عايَنَهم، ويومَ يُبعَثُ فيرى نفسه في محشرٍ عظيمٍ، قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا، فخصّه بالسَّلامِ عليه، فقال: ﴿وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا﴾ (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، أن الحسن قال: إن عيسى ويحيى التقَيا. فقال له عيسى: استَغفِرْ لي، أنتَ خيرٌ مِنِّي. فقال له الآخرُ: استَغفِرْ لي، أنتَ خيرٌ مِنِّى. فقال له عيسى: أنتَ خيرٌ مِنِّى؛ سلَّمتُ على نفسى، وسلَّم الله عليك. فعرَف والله فضلَها (٤).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (١٦) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧)﴾.

يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمد : واذكرْ يا محمد في كتاب الله الذى أنزله عليك بالحقِّ، مريم ابنة عمران حين اعتزلتْ من أهلها، وانفردتْ عنهم. وهو افتعل


(١) في ص، م، ت ١، ف: "الفيروزى". وهو أحمد بن منصور بن راشد الحنظلي أبو صالح المروزي. ترجمته في تهذيب الكمال ١/ ٤٩١، وينظر أيضًا تهذيب الكمال ١٣/ ١٤٤.
(٢) في ص، م، ت ١، ف: "عطية".
(٣) أخرجه ابن عساكر ١٨/ ٨٢ (مخطوط) من طريق أحمد بن منصور المروزي به.
(٤) أخرجه أحمد في الزهد ص ٧٦ من طريق سعيد به. وأخرجه عبد الرزاق ٢/ ٤ - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه ١٨/ ٨٣ (مخطوط) - عن معمر عن قتادة به. ومن طريق جرير عن الحسن أخرجه أيضًا ابن عساكر في تاريخه ١٨/ ٨٣ (مخطوط).
وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٦٢ إلى أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.