يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا بلَغ الصغارُ مِن أولادِكم وأقْربائِكم. ويعنى بقولِه: ﴿مِنْكُمُ﴾: مِن أَحْرارِكم - ﴿الْحُلُمَ﴾. يعنى الاحْتلامَ، واحْتَلَموا، ﴿فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾. يقولُ: فلا يدخُلوا عليكم في وقتٍ مِن الأوقاتِ إلا بإذنٍ، لا في أوقاتِ العَوراتِ الثلاثِ ولا في غيرِها.
وقوله: ﴿كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. يقولُ: كما اسْتَأْذَنَ الكبارُ مِن ولَدِ الرجلِ وأقربائِه الأحرارِ. وخَصَّ اللهُ تعالى ذكرُه في هذه الآيةِ الأطفالَ بالذَّكْرِ وتَعْريفِ حكمِهم عبادَه في الاستئذانِ، دونَ ذِكْرِ ما مَلَكَت أيمانُنا، وقد تقدَّمَت الآيةُ التي قبلَها بتَعْريفِهم حكمَ الأطفالِ الأحرارِ والمماليكِ؛ لأن حُكْمَ ما مَلَكَت أيمانُنا مِن ذلك حكمٌ واحدٌ، سواءٌ فيه حكمُ كبارِهم وصغارِهم، في أن الإذنَ عليهم في الساعاتِ الثلاثِ التي ذكَرها اللهُ في الآيةِ التي قبلُ.
وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ، قال: أمَّا مَن بَلَغَ الحُلُمَ، فإنه لا يدخُلُ على الرجلِ وأهلِه، يعنى مِن الصبيانِ الأحرارِ، إلا بإذنٍ على كلِّ حالٍ، وهو قولُه: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ (١).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال:
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٦٣٧ من طريق أبي صالح به، وتقدم أوله في ص ٣٥٣، ٣٥٧.