للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (٥٣)﴾.

قال أبو جعفرٍ: يقولُ تعالى ذِكرُه: كما كذَّبتْ قريشٌ نبيَّها محمدًا ، وقالت: هو شاعرٌ أو ساحرٌ أو مجنونٌ. كذلك فعَلتِ الأممُ المُكذِّبةُ رُسُلَها (١)، الذين أحلَّ اللَّهُ بهم نِقْمَتَه؛ كقومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ وفرعونَ وقومِه، ما أتَى هؤلاء (٢) الذين ذكَرناهم ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. يعني: من قبلِ قريشٍ قومِ محمدٍ ، ﴿مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ﴾ كما قالت قريشٌ لمحمدٍ .

وقولُه: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: أأوصَى هؤلاء المكذِّبين مِن قريشٍ محمدًا على ما جاءَهم به من الحقِّ - أوائلُهم وآباؤهم الماضون (٣) من قبلِهم، بتكذيبِ محمدٍ ، فقَبِلوا ذلك عنهم؟

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾. قال: أوصَى أُولاهم أُخْراهم بالتكذيبِ؟ (٤)

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾. أي: كأَنَّ الأوّلَ قد أوصَى الآخِرَ بالتكذيبِ.


(١) في الأصل: "لرسلها".
(٢) بعده في م، ت ٢: "القوم".
(٣) في ت ١: "الماضين".
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٤٥ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١١٦ إلى ابن المنذر.