للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و ﴿نَعْلَمَ﴾، و ﴿وَنَبْلُوا﴾ على وجهِ الخبرِ من اللهِ عن نفسِه، سوى عاصمٍ؛ فإنه قرَأ جميعَ ذلك بالياءِ (١). والنونُ هي القراءةُ عندَنا؛ لإجماعِ الحجةِ من القرَأةِ عليها، وإن كان للأخرى وجةٌ صحيحٌ.

وقولُه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الذين جحَدوا توحيدَ اللَّهِ، وصدُّوا الناسَ عن دينِه الذي ابتَعث به رسلَه، ﴿وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾. يقولُ: وخالَفوا رسولَه محمدًا ، فحارَبوه وآذَوه من بعدِ ما علِموا أنه نبيٌّ مبعوثٌ، ورسولٌ مرسَلٌ، وعرَفوا الطريقَ الواضحَ بمعرفتِه، وأنه للَّهِ رسولٌ.

وقولهُ: ﴿لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا﴾. لأن اللَّهَ بالغُ أمرِه، وناصرُ رسولِه ومُظهِرُه على مَن عاداه وخالَفه، ﴿وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ﴾. يقولُ: وسيُذْهِبُ أعمالَهم التي عمِلوها في الدنيا فلا يَنْفَعُهم بها في الدنيا و (٢) الآخرةِ، ويُبْطِلُها إلا مما يَضُرُّهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿*يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يأيُّها الذين آمنوا باللَّهِ ورسولِه، أطِيعُوا الله وأطِيعوا الرسولَ في أمرِهما ونهيِهِما، ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾. يقولُ: ولا تُبْطِلوا بمعصيتِكم إياهما وكفرِكم بربِّكم ثوابَ أعمالِكم؛ فإن الكفرَ باللَّهِ يُحْبِطُ السالفَ من العملِ الصالحِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في رواية أبى بكر عنه. النشر ٢/ ٢٨٠.
(٢) بعده في م: "لا".