للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلُها بعقوبةِ اللَّهِ إيَّاهم، ففَسَدَت بذلك الأرضُ، ولكنَّ اللَّهَ ذو مَنٍّ على خلقِه، وتَطوُّلٍ عليهم؛ بدفْعِه بالبَرِّ من خلقِه عن الفاجرِ، وبالمطيعِ عن العاصى منهم، وبالمؤمنِ عن الكافرِ.

وهذه الآيةُ إعلامٌ من اللهِ تعالى ذكرُه أهلَ النِّفاقِ الذين كانوا على عهدِ رسولِ اللهِ المتخلِّفين عن مَشاهدِه والجهادِ معه؛ للشَّكِّ الذي في نفوسِهم ومرضِ قلوبِهم، والمشركين وأهلَ الكفرِ منهم، وأنه إنما يدفَعُ عنهم مُعاجَلَتهم العقوبةَ على كفرِهم ونِفاقِهم بإيمانِ المؤمنين به وبرسولِه، الذين هم أهلُ البصائرِ والجدِّ في أمرِ اللهِ، وذَوو اليقينِ بإنجازِ اللهِ إيَّاهم وعدَه على جهادِ أعدائِه وأعداءِ رسولِه، من النصرِ في العاجلِ، والفوزِ [بجنانِه في الآخرِ] (١).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾. يقولُ: ولولا دفْعُ اللهِ بالبَرِّ (٢) عن الفاجرِ، ودفعُه ببقيةِ أخلافِ (٣) الناسِ بعضَهم عن بعضٍ، لفسَدَت الأرضُ بهَلاكِ أهلِها (٤).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بجناته في الآخرة".
(٢) في م: "بالبار".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أخلاق".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٨٠، ٤٨١ (٢٥٣٨، ٢٥٤١) من طريق ابن أبي نجيح به.