للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العربَ لا تمتنعُ من تسميةِ جميعِ ذلك بهيمةً وبهائمَ، ولم يَخْصُصِ اللهُ منها شيئًا دونَ شيءٍ، فذلك على عمومِه وظاهرهِ حتى تأتىَ حجةٌ بخصوصِه يجبُ التسليمُ لها. وأما النَّعَمُ فإنها عندَ العربِ اسمٌ للإبلِ (١) والبقرِ والغنمِ خاصَّةً، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥]. ثم قال: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً﴾ [النحل: ٨] ففصَل جنسَ النَّعَمِ من غيرِها من أجناسِ الحيوانِ.

وأما بهائمُها فإنها أولادُها. وإنما قلنا: يلزَمُ الكبارَ منها اسمُ بهيمةٍ كما يلزَمُ الصغارَ؛ لأن معنى قولِ القائلِ: بهيمةُ الأنعامِ. نظيُر قولِه: ولدُ الأنعامِ. [فكما لا] (٢) يسقُطُ معنى الولادةِ عنه بعدَ الكِبَرِ، فكذلك لا يسقُطُ عنه اسمُ البهيمةِ بعدَ الكِبَرِ.

وقد قال قومٌ: بهيمةُ الأنعامِ: وَحْشُها (٣)؛ كالظِّباءِ وبقرِ الوحشِ والحُمُرِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه وتَقدَّست أسماؤُه: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ: اخْتَلف أهلُ التأويلِ فى الذي عناه اللهُ جل ثناؤه بقولِه: ﴿إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾؛ فقال بعضُهم: عنَى اللهُ بذلك: أُحِلَّت لكم أولادُ الإبلِ والبقرِ والغنمِ، إلا ما بيَّن اللهُ لكم فيما يُتْلى عليكم بقولِه: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ الآية [المائدة: ٣].

ذكرُ من قال ذلك

حدثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى


(١) في الأصل: "الإبل".
(٢) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فلما لا"، وفى م: "فلما كان لا".
(٣) فى م: "وحشيها".