للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الضحاكَ بنَ مُزاحمٍ يقولُ: الأنصابُ حجارةٌ كانوا يُهِلُّون لها ويَذْبَحُون عليها (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾. قال: و ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾، و ﴿وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ﴾ [المائدة: ٣، النحل: ١١٥]، هو واحدٌ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾.

قال أبو جعفرٍ : يَعْنى بقولِه: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾: وأن تَطْلُبوا عِلْمَ ما قُسِم لكم أو لم يُقْسَمْ بالأزلامِ. وهو "اسْتَفْعَلتُ" مِن القَسْمِ؛ قَسْمِ الرزقِ والحاجاتِ، وذلك أن أهلَ الجاهليةِ كان أحدُهم إذا أراد سفرًا أو غزوًا، أو نحوَ ذلك، أجال القداحَ - وهى الأزلامُ - وكانت قداحًا مكتوبًا على بعضِها: نهاني ربي. وعلى بعضِها: أمرني ربي. فإن خرَج القِدحُ الذي هو مكتوبٌ عليه: أمرني ربي. مضَى لما أراد مِن سفرٍ أو غزوٍ أو تزويجٍ أو غيرِ ذلك، وإن خرَج الذي عليه مكتوبٌ: نهانى ربى. كفَّ عن المُضِيِّ لذلك وأمسَك، فقيل: ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾؛ لأنهم بفعلِهم ذلك كانوا كأنهم يَسْأَلون أزلامَهم أن يَقْسِمْن لهم. ومنه قولُ الشاعرِ مفتخِرًا بتركِ الاستقسامِ بها (٣):

ولم أَقْسِمُ فَتَرْبُثَنِي (٤) القُسُومُ

وأما "الأزلامُ"، فإن واحدَها زُلَمٌ، ويقالُ: زَلَمٌ، وهى القِداحُ التي وصَفنا أمرَها.


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٩٨ عقب الأثر (٦٧٥٤) معلقًا.
(٢) ينظر تفسير القرطبي ٦/ ٥٧.
(٣) مجاز القرآن ١/ ١٥٢.
(٤) ربثه عن أمره وحاجته: حبسه وصرفه. اللسان (ر ب ث).