للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(البَيِّنُ) لمَّا حُذِفَت الألفُ واللامُ، وصار نكرةً مِن صفةِ المعرفةِ.

وهذه القراءةُ التي ذكَرْناها عن ابنِ مسعودٍ تُؤَيِّدُ قولَ مَن قال: الهُدى في هذا الموضعِ هو الهُدى على الحقيقةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٧١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ لهؤلاء العادِلِين بربِّهم الأوثانَ، القائلين لأصحابِك: اتَّبِعُوا سبيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم فإنا على هُدًى: ليس الأمرُ كما زعَمْتُم، ﴿إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى﴾. يقولُ: إن طريقَ اللهِ الذي بيَّنه لنا وأوْضَحه، وسبيلَه الذي أمَرَنا بلزومِه، ودينَه الذي شرَعه لنا فبيَّنه، هو الهدى والاستقامةُ التي لا شكَّ فيها، لا عبادةُ الأوثانِ والأصنامِ التي لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ، فلا نَتْرُكُ الحقَّ ونَتَّبِعُ الباطلَ، ﴿وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. يقولُ: وأَمَرَنا ربُّنا وربُّ كلِّ شيءٍ تعالى وجهُه، لنُسْلِمَ له؛ لنَخْضَعَ له بالذِّلِة والطاعةِ والعُبوديِة، فنُخْلِصَ ذلك له، دونَ ما سواه مِن الأندادِ والآلهةِ.

وقد بيَّنا معنى (الإسلامِ) بشَواهدِه فيما مضَى مِن كتابِنا، بما أغْنَى عن إعادتِه (١).

وقيل: ﴿وَأُمِرْنَا لِنُسلِمَ﴾. بمعنى (٢): وأُمِرْنا كى نُسْلِمَ، وأُمِرْنا (٣) أَنْ نُسْلِمَ لربِّ العالمين؛ لأن العربَ تَضَعُ (كي) و (اللامَ) التي بمعنى (كي)، مكانَ (أن)، و (أن) مكانَها.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤٣٢.
(٢) في ص، س: (يعني).
(٣) سقط من: م.