القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١١)﴾.
يعنى جلَّ ثناؤُه: واحْذَرُوا اللَّهَ أَيُّها المؤمنون أن تُخالِفوه فيما أمَرَكم ونهاكم أن تَنْقُضوا المِيثاقَ الذي واثَقَكم به، فتَسْتَوْجِبوا منه العقابَ الذي لا قِبَلَ لكم به، ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: وإلى اللَّهِ فَلْيُلْقِ أَزِمَّةَ أُمورِهم، ويَسْتَسْلِمْ لقَضائِه، ويَثِقْ بنصرتِه وعونِه، المُقِرُّون بوَحدانيّةِ اللَّهِ ورسالةِ رسولِه، العامِلون بأمرِه ونهيِه، فإن ذلك مِن كمالِ دينِهم وتَمامِ إيمانِهم، وأنهم إذا فعَلوا ذلك كَلأهم ورعاهم، وحفِظهم ممَّن أرادهم بسوءٍ، كما حفِظكم ودافَع عنكم أيُّها المؤمنون اليهودَ الذين همُّوا بما همُّوا به مِن بسْطِ أيديهم إليكم؛ كَلاءَةً منه لكم، إذ كنتم مِن أهلِ الإيمانِ به وبرسولِه دونَ غيرِه، فإن غيرَه لا يُطِيقُ دَفعَ سوءٍ أراد بكم ربُّكم، ولا اجتلابَ نفعٍ لكم لم يَقْضِه لكم.
وهذه الآيةُ أُنْزِلَتْ إعلامًا مِن اللَّهِ جَلَّ ثناؤُه نبيَّه محمدًا ﷺ والمؤمنين به، أخلاقَ الذين همُّوا ببسطِ أيديهم إليهم مِن اليهودِ.
كالذى حدَّثنا الحارثُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا مُبَارَكٌ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾. قال: اليهودُ مِن أهلِ الكتابِ.
وأن الذي همُّوا به مِن الغدرِ ونقْضِ العهدِ الذي بينَهم وبينَه مِن صفاتِهم وصفاتِ أوائلِهم، وأخْلاقِهم وأخلاقِ أسلافِهم قديمًا، واحْتِجاجًا لنبيِّه ﷺ على اليهودِ بإطلاعِه إياه على ما كان علمُه عندَهم دونَ العربِ، مِن خَفِيِّ أمورِهم، ومَكْنونِ علومِهم، وتَوْبيخًا لليهودِ في تَمادِيهم في الغَيِّ، وإصْرارِهم على الكفرِ مع