للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾: وهي خيبرُ (١).

وقال آخرون: بل عُنِى بذلك الصلحُ الذي كان بينَ رسولَ وبينَ قريشٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾. قال: الصلحَ (٢).

وأولى الأقوالِ في تأويلِ ذلك بالصوابِ ما قاله مجاهدٌ، وهو أن الذي أثابَهم اللهُ مِن مسيرِهم ذلك مع الفتحِ القريبِ، المغانمُ الكثيرةُ مِن مغانمِ خيبرَ. وذلك أن المسلمين لم يَغْنَموا بعد الحديبيةِ غَنيمةً، ولم يَفْتَحوا فتحًا أقربَ مِن بيعتهم رسولَ اللهِ بالحديبيةِ إليها، من فتحِ خيبرَ وغنائمِها.

وأما قولُه: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً﴾. فهي سائرُ المغانمِ التي غنَّمهموها اللهُ بعد خيبرُ؛ كغنائمِ هَوازنَ، وغَطَفان، وفارسَ والرومِ.

وإنما قُلنا: ذلك كذلك دونَ غنائمِ خيبرَ؛ لأن الله أخْبَر أنه عجَّل لهم هذه التي أثابَهم من مسيرِهم الذي سارُوه مع رسولَ اللهِ إلى مكةَ، ولِمَا عُلِم مِن صحةِ نيتِهم في قتالَ أهلِها، إذ بايَعوا رسولَ اللهِ على ألا يَفِرُّوا عنه، ولا شكَّ أن التي عُجِّلت لهم غيرُ التي لم تُعَجَّل لهم.

وقولُه: ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لأهلِ بيعةِ الرضوانِ:


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٧٥ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٦/ ٢٧٨، وابن كثير في تفسيره ٧/ ٣٢٢.